بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة الشيخ جلال الدين الصغير

133: كيف يمكن للإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف أن يغيّر الفكر المادي السائد في هذا الزمان؟

9780طباعة الموضوع 2013-02-20

133: كيف يمكن للإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف أن يغيّر الفكر المادي السائد في هذا الزمان؟

مالك (الموقع الخاص): كيف يستطيع الامام سلام الله عليه أن يغيّر الفكر المادي السائد في هذا الزمان ويجعله ممنهجاً على الشريعة السماوية، فكلما أفكر في حال كل هذه الخليقة على سطح هذا الكوكب، أجد أن الأمر ليس مجرد نصرة الإمام في معركة تستمر لعدة أشهر كما تفضلتم، فهل سيعتمد على الأجيال اللاحقة في توطيد الفكر الاسلامي، أم أنه يستطيع أن يغيّر هذا الجيل بشكل تدريجي؟.

الجواب: لا شك أن حركة الإمام صلوات الله عليه سيكون لها أبلغ التأثير على المجتمع العالمي، ولكن ليس على طريقة الاعجاز وإنما سيسير في عملية التغيير الاجتماعي ضمن المسار الموضوعي لهذه الحركة، وسيوفق في ذلك لبسط الصورة العامة عن العدل، ولكن لا يعني ذلك أن العدالة والهدى الفكري سيتغلغل إلى كل تفصيل في المجتمع، وسيتكفل بقية الإئمة الهداة المهديين صلوات الله عليهم إبان رجعتهم إلى الدنيا ـ وأولهم رجوعاً كما تفيد الروايات الشريفة المعتبرة هو الإمام الحسين عليه السلام ـ بإتمام الدور المهدوي، والسعي نحو تحويل المجتمع من العدالة العامة إلى العدالة الخاصة، من أجل إيجاد المجتمع العابد والمتمحّض بالعبودية لله، وهي مرحلة متأخرة في هذا الدور، ولا يعني ذلك ان المجتمع برمّته سيتحول إلى عبّاد، بل إن الصفة العامة التي ستهيمن عليه هذه الصفة دون أن يعني ذلك أن جميع أفراده سيكونون بهذه الشاكلة.

ومن أجل تقريب ذلك نشير إلى: أن طبيعة آليات شبكات الاتصال الجمعي المعاصرة من أنترنيت وفضائيات وصحافة وكافة الوسائل الإعلامية، ناهيك عن الفن بصوره المختلفة من مسرح وأفلام ومسلسلات وما إلى ذلك قد أعطى إمكانات هائلة للحركات التغييرية في أن تؤثر بشكل أسرع من ذي قبل، وكلما كانت عملية التغيير تنمّ عن تصوّر عقائدي متكامل للوجود الكوني، ومقترنة بمشاريع تعبوية تستطيع أن تنستنهض المجتمع، وتمتلك المؤسسة التي من شأنها أن تحوّل الأفكار التغييرية إلى برامج تتكرس في أرض الواقع، وتقاد من قبل قيادة قادرة على الاستفادة من كل الإمكانات المتاحة، وتلتزم بالشعارات التي تطلقها وتعمل من أجلها بإخلاص، كلما وجدنا نجاحاً أكبر من عمل هذه الحركات، خصوصاً إذا ما اقترنت دعواتها الفكرية مع عدالة في الأداء السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولك أن تقارن بين نموذجين حضاريين الأول ما يرتبط بالحضارة الغربية وما امتلكته من إمكاناته هائلة في كافة المجالات، إلا أن هذه الإمكانات وإن كانت مؤثرة للغاية في البداية في غزو المجتمعات ثقافياً وتأمين سيطرة كبرى على هذه المجتمعات، إلا أن افتقارها للعدالة الاجتماعية ووجود النماذج القيادية السيئة وفشل مشاريعها التعبوية وملل الناس من النظم السياسية التي أوجدتها، جعل تلك الإمكانات تفقد قدراتها بالتدريج، ومن ثم ليتحول الكثير منها إلى عامل سلبي في المشروع الغربي، وأدنى اطلالة على الواقع الاجتماعي الغربي نفسه في موقفه في الرفض المتنامي للتلفزيون على سبيل المثال أو في حركته المضادة للعولمة أو في تذمره المستمر من الظلم الاقتصادي للرأسمالية، وتحول الحديث عن الحرية التي كانت تمثل لب المشروع التعبوي الغربي إلى دعوات مضادة أو مناهضة لها، ناهيك عن انهيار النظام الاجتماعبي نفسه وهو الأمر الذي تكشف عنه أرقام الجريمة الاجتماعية الهائلة وما لحق به من تفكك المجتمع من خلال تفكك الأسرة أولاً ونماذجها تنامي الزواج المثلي وارتفاع نسب الطلاق وانحسار نسب الزواج ناهيك عن حالات هجر الأفراد لأسرهم بدواعي مختلفة إن كل ذلك يحكي عن أفول مستقبلي لمنظومة هذه الحضارة، ويمكن افتراض مسار دراماتيكي سريع جداً لو بدأت عملية انهيار الأنظمة عسكرياً او اقتصادياً، وهو ما يعبّر عن آفاقه المشروع المهدوي والذي سيجعل في أولوياته المبكرة السيطرة على موارد الطاقة ناهيك عن تأثيره الذي سيتنامي بالتدريج على المستوى الجيوبولوتيكي.

إن هذه الصورة الواقعية ـ والتي بإمكان المرء أن يمتلك آلاف الأدلة عليها ـ عن إنهيار النظام الغربي سيهيئ للنظام البديل بشكل كبير لأن أي فراغ حضاري سيسمح للبديل الحضاري المناهض ان يقوم مقامه، وعلى عكس افتراض كتاب الحضارات كفوكاياما أو هتنغتون، فإن النظام الغربي يعيش مرحلة جادة في المسيرة الانحدارية له، مما يسمح لنا بالقول بأن المشروع المهدوي وهو الذي نقدمه كنموذج ثاني هو الوحيد الذي بإمكانه أن ينجح، ومعه ستنجح فرصه التغييرية إلى حد كبير، فالمشروع قائم على دعامة وجود المجتمع الناصر الذي سيحضن المشروع، ووجود المؤسسة التي ستنهض بتحويل الأفكار إلى وقائع، والمؤسسة هنا هي دولة الإمام صلوات الله عليه، ووجد القائد الذي سيحرص على ملأ الأرض قسطاً وعدلاً، بعد أن ملأتها حضارة الغرب ظلماً وجوراً، وبطبيعة المشروع التعبوي المهدوي والذي سيحمل لواء العدالة، وهو لن يحمله كشعار بل سيحمله مزوداً بنماذج فريدة من العدالة التي سيطبقها في مجتمعاته الحاضنة أولاً، سيكون اقبال الناس على هذا المشروع ينطوي على إمكانيات كبيرة، ووسط النجاحات العسكرية وانهيار القدرات الإعلامية المضادة وافتضاحها مع وجود قدرات اعلامية مناصرة وذات مصداقية، فإن الفكر المادي الذي نراه يسيطر على المجتمعات سينهار بشكل مروّع، وسيطاح به بشكل يقيني، ولعل اخواننا من أبناء خمسينات وستينات القرن الماضي شهوداً على أنهم ما كانوا يحلمون بمجيئ اليوم الذي يجدون فيه كل هذا العدد من الرافضين للحضارة الغربية بعد أن كانت هذه الحضارة هي عنوان التقدمية وما خلاها هو عنوان الرجعية.

وعليه فإن حركة الإمام صلوات الله عليه التغييرية ستنتهج عملية التغيير الموضوعي ولكن بإمكانات كبيرة لم تتح لأي رسالة تغييرية من قبل، وهي لهذا ستكون حركة تدريجية، ومهمتها في البداية السيطرة على الظاهر الاجتماعي، ثم العمل على تعميق التغيير في المحتوى الداخلي للمجتمع، وقطعاً لن يتح المجال بشكل كامل للإمام صلوات الله عليه، ولهذا كانت مسألة رجعة أئمة الهدى صلوات الله عليهم ممن لم يقم بالدور المهدوي في إحلال العدل واسقاط الظلم في زمانه لكي يمارس هذا الدور في زمن الرجعة، ولهذا كان حديث الأئمة صلوات الله عليه عن وجود مهديين من بعد الإمام المهدي صلوات الله عليه، وقد حاول الدجالون تصوير الأمر بأن لدينا أئمة غير الاثني عشر صلوات الله عليهم، وهذا مبني على انحراف عقائدي وعقول مريضة، والصحيح هو أن أئمة الهدى صلوات الله عليهم هم المعنيون بذلك ولكن بعد رجعتهم بأبي وأمي.

التعليقات
الحقول المعلمة بلون الخلفية هذه ضرورية
مواضيع مختارة
twitter
الأكثر قراءة
آخر الاضافات
آخر التعليقات
facebook
زوار الموقع
18 زائر متواجد حاليا
اكثر عدد في نفس اللحظة : 123 في : 14-5-2013 في تمام الساعة : 22:42
عدد زوار الموقع لهذا اليوم :7769
عدد زوار الموقع الكلي: 24664292
كلمات مضيئة
الإمام الصادق عليه السلام: كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز وجل.. والمقصود: كل راية تدعي المهدوية