بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة الشيخ جلال الدين الصغير

الشيخ الصغير يقترح آلية عملية لمكافحة البطالة ومساعدة العاطلين عن العمل ويطالب المسؤولين : انصتوا بآذان واعية وانظروا بعين المسؤولية الى خطاب المرجع المفدى السيد السيستاني لمكافحة الخلل في لعلاقة بين الحكومة والشعب



قال سماحة الشيخ جلال الدين الصغير في خطبة الجمعة :

لا بد لي في البداية ان أذكر رحيل المهندس البار والمؤمن الصالح الدكتور السيد محمد علي الشهرستاني (رض) والذي لم أذكره في الأسبوع الماضي لأنني آثرت الحديث عن الأمام الراحل السيد محسن الحكيم (رض) . فهذا الرجل قد وافاه الأجل وهو مغمور بسعادات كبرى إذ ان أياديه كانت ولا زالت وستبقى واضحة الأثر في مراقد الأئمة (ع) في الكاظميين اذ هو الذي وسع ما بين الضريح الشريف والحائط وانتم تتذكرون ان المسافة كانت ضيقة جدا بحيث أن الأثنان اذا ما مرا لا يمكن ان يفسح المجال لثالث . وهو الذي ترك اثارا واضحة على مرقد الأمام الحسين واخيه العباس (ع) وهو الذي كان له الشرف بالشروع ببناء مرقد الامامين المظلومين العسكريين (ع) . مثل هذه السعادة بل مثل هذه الصدقة الجارية التي تركها الدكتور الفاضل لا يمكن ان يحظى بها كل أحد فلا بد ان له كرامة خاصة وكنت قد اشرت كثيرا وانا اؤمن بذلك ان من ينتدب لخدمة اهل البيت (ع) لا ينتدب من نفسه وانما هم من ينتخبونه لذلك .

تتذكرون احاديثنا عن بناء جامع براثا وبقية ما نعتقد به هو ان بيوت اهل البيت (ع) لا يمكن ان يكرم ببناءها أو بخدمتها أو بإسداء اي شيء فيه خدمة لها إلا ان يكون بإمضاء منهم فهم اصحاب البيوت وهم من يأذن بذلك أو لا . فالكثيرون ممن جاؤا لكي قدموا هنا او هناك خدمة ولكنهم منعوا والكثيرون ممن جاءوا طواعية ويحاولون بشتى الجهود ان يبذلوا ما يبذلون في اماكن اخرى فلا يتمكنون ويدفعون دفعا الى مكان محدد . وهنا اتذكر ان رجلا جاءني في عام 2005 ابلغوني ان لديه حقوقا ييريد ان يدفعا وكنت مشغولا في وقتها وبعد ذلك دخل علي وكانت ملابسه لا توحي انه من اصحاب الحقوق ويبدو فقيرا جدا وقال ان لديه حقوقا يريد ان يدفعها ووضع امامي كيس كبير مليء بالدولارات ولا يغرنك منظري عن مخبري فأنا مقاول وجئت اليك من ساحة العمل مباشرة ولكن منذ اربعة اشهر وانا احمل هذا المال وذهبت الى فلان وفلان ولا يفسح المجال لي ولأسباب عجيبة وغريبة الى ان وجدت نفسي بالصدفة ولم اكن انوي المجيء الى هنا لكي ادفع بل جئت بالصدفة وقلت ربما ان فلانا هنا واتخلص من الحقوق فجاء واعطى المال وقال هل لي ان اشترط فقلت له ان هذا المال هو مال الامام ولا يمكن لك ان تشترط ومال المام الى المرجع فقال لي هل يمكن لي ان ادخل هذا المال في بناء السجد فقلت له ان هذا المال للسيد السيستاني وسيذهب اليه . فخرج ممتنا وعلى وجنتيه دمعة وقال لعلني اوفق وأشترك في بناء هذا المسجد . الغرض ان مثل هذا الرجل حينما نجد كيف ان الناس قد تكالبت على الوظائف والمناصب وكان بإمكانه ان يحظى بأعلى منصب من مناصب ولكنه لم يؤثر الا منصبا واحدا وهذا المنصب هو اعظم المناصب في الدنيا والاخرة وهو ان يكون خادما لبيت العصمة والطهارة (ص) .

انا اعرفه منذ ثلاثين سنة وتحديدا في عام 1980 علاقتي به ولم اجد منه الا حديث الخدمة للشعب العراقي ولهل البيت (ع) وحتى عندما بادر الى تأسيس الجامعة الأسلامية للعلوم الحرة قال ( نصب عيني كيف يمكن لي ان اخدم اهل البيت "ع" عبر الساحة الأكاديمية ) فهو رجل مهندس فما شأنه في انشاء هذه الجامعة ولكنه اول ما بدأ بدأ بعلوم اهل البيت (ع) وقد وفق في هذا العمل توفيقا كبيرا . انني اجد في رحيله خسارة كبيرة فالرجل رغم انه كان مهندسا أكاديميا ولكنه كان حوزويا فذا وكانت علومه الحوزوية عالية بالشكل الذي يجعل خسارته لا تعوذ إلا اللهم يذهب سعيدا بعمله فرحا بلقاء اجداده الطاهرين فهنيئا له رحلته الى احضان جده امير المؤمنين (ع) ومثل عمله فليعمل العاملون .

وفي الشأن السياسي قال سماحته :

بالنسبة الى الشأن السياسي لا يوجد الكثير مما يمكن ان  تطمئن اليه النفس ولكن هناك جملة من الامور وددت ان اقف عندها بشكل سريع والأمر الاول هو تراجع المحكمة الأتحادية عن قرارها الخاطيء والعجيب في تنصلها عن الدستور في شأن الهيئات المستقلة وقد كنت اشرت الى ان ارجاع الهيئات المستقلة كمفوضية الانتخابات ومفوضية النزاهة والبنك المركزي وهيئة الأتصالات والاعلام وغيرها ان ارجاعها الى الحكومة سيكون وبالا على هذه الهيئات وعلى الدستور وعلى طبيعة ما يمكن ان يؤدي الى حالة الشفافية في داخل هذا المجتمع . فحينما تكون النزاهة مكلفة بمراقبة اعمال الحكومة ويقال بأنها تابعة الى الحكومة فعن اي نزاهة نتحدث !؟ ، وعندما تكون مفوضية الانتخابات التي تقوم بتشكيل الحكومة القادمة بشكل واقعي عندئذ لا يمكن لنا ان نتحدث عن استقلاليتها لأن الحكومة التي مرت وما الى ذلك هو المتحكم بهذه المفوضية ويستطيع ان يفعل بها ما يشاء . وللأسف الشديد وصلت الأمور الى درجة في المحكمة التحادية في الفترة السابقة ولا يوجد لحد الآن ما يطمئن بأن المحكمة حيادية بالفعل امام كل الأوضاع السياسية وانها لا تنحاز لهذا الوضع السياسي او ذاك اتخذت قرارها بإتباعها للحكومة وكنت قد اشرت ان هذا خطأ فاضح وشنيع بحق الدستور وهذه هي المحكمة المؤتمنة على الدستور واذا بها ترتكب خطا فادحا في التجاوز على المادتين ( 102 ، 103 ) من الدستور اللاصريحة بالتحدث عن الهيئات الستقلة والعجيب ان المحكمة التحادية عندما تفسر الدستور لا تسأل الذين كتبوا الدستور وتقول لهم ما هم مرادكم ؟ . فإن لم ترجع الينا فعليها ان ترجع الى النقاشات وكلها مكتوبة حيث ان هناك نقاشات طويلة كانت في وقت كتابة الدستور ولكن وللأسف الشديد بجرة قلم اخلوا بالدستور ولكن حسنا فعلوا عندما تراجعوا عن ذلك المور الى نصابها الحقيقي وانا هنا لست فرحا برجعة المحكمة الاتحادية الى الدستور ولكني لا زلت قلقا من لا تكون المحكمة الأتحادية مؤتمنة على الدستور ، فإن لم تؤتمن مثل هذا المحكمة التي لها قرارها البات فمن الذي سيؤتمن على هذا الدستور في وقت بدأت تنحسر عن الجميع . الكتل السياسية فيما بينها لا توجد لديها ثقة ، والمواطن بالحكومة لا توجد لديه ثقة ، ولا للحكومة بالمواطن ثقة والبعض بالبعض الآخر لا توجد بينهم ثقة ، فإذا كانت آخر القلاع بالنسبة للحكومة وهي المحكمة التحادية غير ثقة في هذا المجال فإلى من نتوجه والى من نوجه انظارنا ؟ . أملنا كبير في اخواننا في مجلس النواب اثناء مناقشتهم لقانون المحكمة الاتحادية هو ان يحسموا هذا القلق ويؤسسوا لمحكمة لا تخضع لضغوطات السياسيين بقدر ما تخضع للدستور . لا سيما وان الاوضاع الحكومة كما ترون فالحكومة مقطعة الى عدة فرقاء ولا يوجد ما يغري لعدم القول بأن كل فريق يجر القرص الى نفسه ومسألة النأي بالمسؤولية عن النفس للأسف الشديد اصبحت احد السلوكيات الرائجة فيما بيننا وعلى سبيل المثال ان الناس يتحدثون عن مشكلة البطالة في بغداد مثلا ويتحدثون عن مشكلة حالة الفساد وعدم وجود نزاهة في دوائر الدولة وهذا حديث شائع جدا . فكثير من المسؤولين كان يحاول ان ينأى بنفسه عن هذا الحديث لذلك يطرح اكباش فداء له ، فمشكلة في بغداد اسمها بطالة واسمها بطاقة تموينية فتعالوا نعزل امين العاصمة ! ، او تعالوا لنلغي مجالس المحافظات ونأتي بمجالس محافظات اخرى ! . فهذه المسائل لا علاقة لها بأمين العاصمة ولا علاقة لها بمجالس المحافظات فالبطالة امر مقنن من الحكومة المركزية وهي التي تفتح او لا تفتح التعييين . نعم مجالس المحافظات عليها مسؤولية تشخيص من الذين تعطيهم هذه الوظائف وللأسف الشديد حالة الحزبية او حالة الواسطة والرشوة هي المسيطرة بحيث ان الضحية دائما هو الكفاءة وصاحبها ومن لا يدفع لا الى جانب مبدأ آخر وهو من اخلاق ولكننا لا زلنا نراه على نطاق واسع وهو ان من لا تنتمي لا يعمل فتنتمي الى الجهة الفلانية تعمل واذا لم تنتمي فأنت وعيشك وعائلتك الى الهباء .

وأضاف سماحته :

 انا انبه الناس ان هناك مسؤوليات محددة فاذا اردنا ان نحاسب احدا نحاسبة على مسؤوليته هو تحديدا فالآن على سبيل المثال طرحت مسألة امين العاصمة وهو جزاه الله خيرا سهل الأمر بالشكل الذي قدم مبكرا وقال اني اضع نفسي اي جهة تحاسب ولكن كيف جرت محاسبته ؟ . حينما لا تكون هناك بطاقة تموينية تخرج لافتات بأن من ينهب هذه البطاقة هو امين العاصمة ! ، أو ان هناك ازبالا في منطقة النهروان او في منطقة ما بعد ابو غريب فأمانة العاصمة لها حدود محددة وخارجها هو ضمن مسؤولية محافظة بغداد . والذي رأيناه في اخلاقيات المسؤولين وللأسف ان " قدم كبش فداء " حتى تنجو من الحساب ونظر الناس .

التعليقات
الحقول المعلمة بلون الخلفية هذه ضرورية
مواضيع مختارة
twitter
الأكثر قراءة
آخر الاضافات
آخر التعليقات
facebook
زوار الموقع
15 زائر متواجد حاليا
اكثر عدد في نفس اللحظة : 123 في : 14-5-2013 في تمام الساعة : 22:42
عدد زوار الموقع لهذا اليوم :6215
عدد زوار الموقع الكلي: 26930976
كلمات مضيئة
الإمام الصادق ع لسدير الصيرفي: يا سدير.. فإذا بلغك أن السفياني قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلك