بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة الشيخ جلال الدين الصغير

209: ما هي دلالات شق جدار مسجد الكوفة؟ وهل لها علاقة بعلامات الظهور الشريف؟

34890طباعة الموضوع 2013-07-30

209: ما هي دلالات شق جدار مسجد الكوفة؟ وهل لها علاقة بعلامات الظهور الشريف؟

 

Heider Alasedy (الفيسبوك): ما مدى صحة خبر انهيار حائط مسجد الكوفة المعظم في ليلة أو فجر يوم جرح امير المؤمنين (ع). (علما إن الخبر منتشر على موقعي الفيس بوك و اليوتيوب). وهل هذا الانهيار هو المشار اليه في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (إذا هدم حائط مسجد الكوفة مما يلي دار عبد الله بن مسعود فعند ذلك زوال ملك القوم، وعند زواله خروج القائم عليه السلام.

الجواب: لم ينهر الجدار وإنما حصل به شق غير معتاد كما هو واضح في الصور التي التقطت لجدار المسجد، وبالرغم من أن إدارة المسجد المعظم تحدثت عن أنهم سحبوا قبل شهرين المياه الجوفية واحتمالهم ان يكون هو الذي تسبب في ذلك، ولكن كون المياه الجوفية المسحوبة من نفق مسلم بن عقيل عليه السلام ليست تحت الجدار ولا قريبة منه، فإن هذا الاحتمال لوحده ليس كافياً لتبرير عملية الإنشقاق لا سيما وأن الإنشقاق حصل من منطقة مرتفعة ولم يحصل من منطقة منخفضة من جهة طرف الجدار، ولكن مهما يك فإن العيب المعماري في البناء له مدخلية واضحة في هذا المجال، وما من دلالة واضحة لكي نعتبره مثار أمر إعجازي كما يروّج لذلك بعض الناس، وما تم التحدّث عن ظهور اشعاع رهيب لم يتبين لنا من يؤكده أو ما يؤكده.

أما عن علاقة الخبر بعلامات الظهور الشريف، فإن بين أيدينا رواية الحسين بن المختار التي يرويها الشيخ النعماني رضوان الله عليهما بسند صحيح عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: إذا هدم حائط مسجد الكوفة من مؤخرة مما يلي دار ابن مسعود فعند ذلك زوال بني فلان، أما إن هادمه لا يبنيه.[1]

وفي لفظ الرواية التي ذكرها الشيخ الطوسي رضوان الله عليه في الغيبة بطريق آخر للحسين بن المختار جاء في نسخة منه: زوال ملك بني فلان.[2]

ولكن في رواية الشيخ المفيد رضوان الله عليه جاءت خاتمة نفس الرواية هكذا: فعند ذلك زوال ملك القوم، وعند زواله خروج القائم عليه السلام.[3]

ونلاحظ هنا أن الحديث يتم عن الهدم وليس عن الشق، ومن الواضح أن الهدم ليس هو الشق، ونلاحظ ثانياً وجود هادم له، وهذا الهادم هو الذي يريد إعادة المتهدم، مما يعني أن الهدم لا يتم بطريقة عدائية، ولذلك إن استلزم الشق المعاصر عملية لاحقة لهدم الجدار عند ذلك يمكن لنا أن نتحدث عن وجود مقاربة بين ما جاء في الرواية الشريفة وما بين ما يتم على أرض الواقع، ولكن هذه المقاربة تبقى مجرد احتمال لعدم القدرة على تشخيص الموضع الذي أشار إليه الإمام الصادق عليه السلام في حديثه أي ما يلي دار ابن مسعود، ولهذا يجب توخي الدقة في متابعة ذلك.

يبقى الكلام في أمرين الأول من هم بنو فلان الذين يزول ملكهم ويكون هدم الجدار علامة لهم، والأمر الثاني من هو الهادم الذي لا يبنيه، وهل هما جهة واحدة أم جهتين، أي أن جهة الهدم هل هي نفس جهة من يزول ملكه؟ أم هي جهة أخرى؟.

من الواضح أن الرواية ساكتة عن كل ذلك، ولكن نستظهر أن من يزال ملكهم هم جهة أخرى تختلف عن جهة الهادم، لأن الهدم يتعلق هنا بشخص وليس بملك على ما يبدو من ظاهر اللفظ، بينما الإشارة إلى القوم أو إلى بني فلان ــ كما هو في ألفاظ الرواية ــ واضحة في تعلّقها بالملك، خاصة وأن الزوال يشمّ منه ان من يزال عنه الحكم هو جهة مضادة لأهل البيت عليهم السلام، بينما الحديث عن الباني من بعد الهدم يظهر منه انه جهة غير معادية.

ولو صحّ ذلك فإن المهمّ المتبقي هو عن ماهية المقصود ببني فلان، وبالرغم من أن الوصف ببني فلان يمكن أن ينطبق على كل قوم، إلا أننا يمكن أن نلاحظ أن الروايات وصفت حكام العراق ببني العباس، وتحدثت عن السفياني بأنه من بني أمية، مما ينحو بنا إلى القول بأن المقصود ليس هم حكّام العراق، بل ربما تدلّنا بعض الروايات التي استخدمت نفس الوصف وتحدثت عن فترة زمانية مقاربة لما في الرواية، أن المراد ببني فلان هم حكام الحجاز، فلقد ذكر الشيخ الطوسي أعلى الله مقامه في الغيبة رواية بكر بن حرب، عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: لا يكون فساد ملك بني فلان حتى يختلف سيفا بني فلان، فإذا اختلفا كان عند ذلك فساد ملكهم.[4]

وذكر بسند صحيح عن الإمام الرضا صلوات الله عليه قوله: إن من علامات الفرج حدثاً يكون بين الحرمين، قلت: وأي شيء يكون الحدث؟ فقال: عصبية تكون بين الحرمين، ويقتل فلان من بني ولد فلان خمسة عشر كبشاً.[5]

والظاهر أن منطقة ما بين الحرمين المشار إليها هي جدة التي تتوسط بين الحرم المكي والمدني، ولعلها هي المدينة الوحيدة التي يمكن تصوّر اجتماع كل هذا العدد من الأمراء.

ويبدو أن الروايتان مترابطتين، وهما ترتبطان برواية الحائط من جهة التسمية، ومن جهة الزوال والذي يعني عدم ذهاب الملك فجأة وإنما بالتدريج، ومن جهة الفترة الزمانية أي كون الزوال يتم في وقت مقارب لخروج الإمام صلوات الله عليه، ويقرّب من كل ذلك ما جاء في موثّقة[6] أبي بصير، عن الإمام الصادق عليه السلام قال: من يضمن لي موت عبد الله اضمن له القائم. ثم قال: إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء الله، ويذهب ملك السنين ويصير ملك الشهور والأيام.[7]

لذلك فإن الدلالة التي تهمّنا لو تحققت عملية الهدم تتعلق أولاً بوضع من سيهدم الجدار، والهدم هنا هي هم لجزء من الجدار، وما من شك أن الشقّ المعاصر سيعالج بطريقة وأخرى، ومن الواضح أن عملية العلاج قد تنطوي على عملية هدم من أجل التقويم، لأن الشق الذي نراه في الصورة ليس من النمط الذي يمكن أن يُسكت عنه دون معالجة جذرية، والحديث عن عدم تمكن الهادم من البناء يشير إلى تبدل في شكل الجهة الهادمة لا في محتواها، أي لو قدّر أن تقوم إدارة أو وزارة ما أو حكومة ما بعملية التهديم، فإن هذه الجهة لن تتمكن من إعادة البناء حتى يأتي خبر موت عبد الله هذا، وبدء مسار زوال حكم الحجاز، وتأتي من بعدها جهة ثانية لتتم عملية البناء.

والدلالة الثانية تتعلق بوضع حكم الحجاز ومساراته باتجاه التفكك، وذلك على تفصيل ذكرناه في الجزء الثالث من كتاب العلامات ولما يطبع بعد.

 

[1] غيبة النعماني: 285 ب14 ح57.

[2] غيبة الطوسي: 446 ح442.

[3] الإرشاد 2: 375.

[4] غيبة الشيخ الطوسي: 447ـ448 ح446.

[5] غيبة الشيخ الطوسي: 448 ح447.

[6] لموضع عثمان بن عيسى الرؤاسي في الخبر وهو من أئمة الواقفة المنحرفين عن الإمام الرضا عليه السلام، ولكن الطائفة الشريفة عملت برواياته وأصحابه من الواقفة في مرحلة إيمانهم وصلاحهم ورفضت ما بعد ذلك.

[7] غيبة الشيخ الطوسي: 447 ح445.

التعليقات
الحقول المعلمة بلون الخلفية هذه ضرورية
طارق مجيد عبد
ناصرية /ذي قار
2013-8-2
جزاكم الله كل خير شيخنا الفاضل ..اود الاشارة ان الشق حدث ليلة 29 من تموز وبتحويل بسيط نجد ان ولادة الامام المهدي صلوات الله وسلامه عليه يوم الخامس عشر من شعبان 255 هجرية توافق 29 /7/ 869 ميلادية. وهنا اود السؤال لماذا هذا الباب سمي باب الحجه ع ؟ ..
رابط لتحويل التاريخ للتأكد..
http://www.ihijri.com/


مهندس النفط
حسن جبار العكيلي
العراق بغداد
2013-8-2
احسنتم و جزاكم الله خير الجزاء على هدا الشرح الوافي شكرااااااااااااااااااااااااااا
مصطفى الفرطوسي
العراق بغداد
2013-7-31
اللهم يحفضك شيخنا العزيز وجعلنا ويالكم من انصار الحجه المهدي (ع)
عبد الله
2013-7-30
السلام عليكم
اعتقد ان رواية ال البيت عن بني العباس ليس هم ال فلان لعدة اسباب منها ان ال البيت ارادو دفع الحرج عن الشيعة ولم يذكرو ان ال فلان هم ال سعود. والتقارب واضح وما يؤكد ذلك ذكرهم انهم اخر ملوك الحجاز وان اخر ملك لهم هو عبد الله وهذا ممكن الان تحققه باذن الله تعالى.
اما بني العباس فهم لم يحكمو في الحجاز انما في العراق. اما لماذا كناهم ال البيت ببني العباس ممكن لانها حكومة تحكم في العراق ويكون دعواهم انهم يدعون الى ال البيت حتى يكسبو تاييد الناس ليصلو الى الحكم. لاكنهم ينكثون كما نكث بني العباس عندما ينالون الحكم ويكون حكمهم باسم ال البيت لاكنهم يعملون عكس ماراد ال البيت. ومن اسباب ان ال البيت كنوهم ببني العباس انهم سيحكمون من نفس مكان حكم بني العباس في بغداد .ومن يهدم جدار مسجد الكوفة الذي لا يتم بنائه ممكن ان يكون مسؤول في الدولة المكناة ببني العباس ولاكن حكمهم لن يدوم حتى يتم البناء. كذلك ليس من الضروري ان يكون القصد من اعادة البناء هو رظا الله سبحانه ربما القصد من اعادة البناء هو امر دعائي او رياء
مازن الجبوري
بغداد
2013-7-30
حفضكم الله يا شيخنا الغالي على هذا التوضيح الوافي والشافي ووفقكم الله لنصرة الامام روحي له الفداء
محمد السلطاني
العراق
2013-7-30
جواب رائع يا سماحة الشيخ وجزاك الله خيرا ....
من الموقع
ابو الفضل
بغداد
2013-7-30
وفقك الله لهذا الجواب الوافي وكانت التفاتة لطيفة من جنابك الكريم على كيفية الهدم
مواضيع مختارة
twitter
الأكثر قراءة
آخر الاضافات
آخر التعليقات
facebook
زوار الموقع
18 زائر متواجد حاليا
اكثر عدد في نفس اللحظة : 123 في : 14-5-2013 في تمام الساعة : 22:42
عدد زوار الموقع لهذا اليوم :3951
عدد زوار الموقع الكلي: 27153501
كلمات مضيئة
قال أبو عبد الله الصادق ( عليه السلام ): أيما رجل اتخذ ولايتنا أهل البيت ثم أدخل على ناصبي سرورا واصطنع إليه معروفا فهو منا برئ ، وكان ثوابه على الله النار.