بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة الشيخ جلال الدين الصغير

عجيب هذا المخلوق الذي اسمه الكورونا أذلّ العظماء وأسقط الجبابرة وهو مما لا يرى بالعين المجردة!!

دعوة تأمل لتوبة نصوح

5474طباعة الموضوع 2020-03-25


عجيب هذا المخلوق الذي يسمى بالكورونا!

هو لا يرى بالعين المجردة.

وقوامه من الوهن بمكان بحيث أن قليلاً من الصابون يمكن أن يرديه.

ولكن ما فعله هذا المخلوق واهن القوى هو أمر عجيب يجب أن يتوقف عنده العلماء والعقلاء والحكماء ملياًّ!!

وما صنعه هذا المخلوق ضئيل الحجم هو أمر مذهل يجب أن يتدبّر فيه كل من له حسّ أو مسحة من فكر أو رغبة في حياة أو أمل في دنيا!!

وما أنتجه هذا المخلوق المتواضع في خلقته! المتضائل في بنيته! هو أمر أذهل كل لبّ، وأذهب بكل فكر، وأقلق كل قلب وأفزع كل هاجس!!

مخلوق حتى تراه يجب أن تمتلك القدرة على رؤية المجهريات، ولكنه من الصنف الذي إذا تحرك ارتاعت له القلوب وبلغت الحناجر، وامتلأت الصدور رعباً لمجرد التلفظ باسمه!

هذا المخلوق العجيب أطاح بأصحاب الصواريخ النووية والترسانات المرعبة والجيوش العظيمة والبنوك المتخمة، وأذلّ المتغطرسين الجبابرة والمتكبرين المتفرعنين والطواغيت المتبجحين، بحيث جعلهم يبحثون عن ملجأ أو حجر خشية أن يصل إليهم أو يمرّ بهم!!

كم يذكرني هذا المخلوق العجيب بالأبيات التي قرأها الإمام الهادي عليه السلام حينما تقابح معه المتوكل العباسي لعنه الله وطلب منه أن يشرب الخمر معه!! وأن ينشده شعراً

باتوا على قلل الأجبال تحرسهم * غلب الرجال فلم تنفعهم القلل

واستنزلوا بعد عز من معاقلهم * وأسكنوا حفرا يا بئسما نزلوا

ناداهم صارخ من بعد دفنهم * أين الأساور والتيجان والحلل

أين الوجوه التي كانت منعّمة * من دونها تضرب الأستار والكلل

فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم * تلك الوجوه عليها الدود تقتتل

قد طال ما أكلوا دهرا وقد شربوا * وأصبحوا اليوم بعد الأكل قد أكلوا

انظروا ماذا فعله هذا المخلوق في العالم؟

مطارات تغلق والمترو يعطل والقطارات تقف والسيارات تتعطل وقد كانت لو تأخرت دقائق لخلقت أزمة في العالم!

أوربا التي كانت مهوى القلوب ومطمح الملايين أصبح من فيها حائراً كيف يتخلص منها!

النوادي والملاهي والفنادق والمتاجر العظيمة والملاعب والمسارح وقاعات السينما والشوارع المكتظة قد أصبحت أرضاً بلاقع، لا يجري فيها إلا الحيوان الشارد ولا يمر بها إلا الطير الجائع.

المستشفيات تعجّ بأهلها، والمقابر تزدحم بوافديها، والناس لا يقتربون من بعضهم، بل ينصحونك بالتعامل بالإشارات بعد أن ملؤوا الدنيا بالثرثرة والصخب!!

الشوارع فارغة، والأوتسترادات والاكسبرس واي تهفوا بها الريح فلا هسيس ولا حسيس، وكأن روادها قد صيح بهم!!

المتاحف وروادها والمعارض ومرتادوها والقصور وحفلاتها والمقاهي وجلاسها والمصانع وخبرائها والمعامل وعمالها والبرلمانات وشغبها والمجالس وصخبها كلها بلا أنيس ولا جليس وكأن داعي الموت قد حلّ بهم وعزرائيل قد طرقهم.

هوليود وممثليها وكان وفنانيها وموناكو ومترفيها ولاس فيغاس ومشاهيرها وحانات الخمور ومخموريها وصالات القمار ومقامريها وبيوت الدعارة بداعريها وقوادها تذوي الرياح في جنباتها فلا تسمع حديثاً ولا همسا..

أنانية الرأسمالية وجبروت الغرب بكل ما أستطاع أن يخلع على نفسه من أبهة وجلال وبكل ما أحاط نفسه بوسائل الخداع وإعلام التجهيل والتضليل يتهاوى كما ورقة الخريف حينما تعصف بها الريح ليبرز أزمة أخلاقية مريعة جداً ستسمع الأجيال القادمة صداها المقزز بكل قرف واشمئزاز.

دول كبرى تعطلت، وشعوب حبست نفسها في بيوتها، واقتصاديات هائلة تهاوت، ورساميل مهولة طارت من أيدي أصحابها، وبورصات انتكست!

كل ذلك والمخلوق العجيب لما يزل حديث النشأة طري العود لا يقبل أن يستقر في مكان لا يدعى إليه، ورغم كل ذلك كان الهاربون منه يستقبلونه بالاحتضان، ولم لا؟ والمستضيفون يرتعون ما بين الغفلة والجهل والغرور والعبث!!

حقيقة قرأت تفاسير كثيرة وتدبّرت وتأملت كثيراً بهذه الآية الكريمة: [حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلۡأَرۡضُ زُخۡرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتۡ وَظَنَّ أَهۡلُهَآ أَنَّهُمۡ قَٰدِرُونَ عَلَيۡهَآ أَتَىٰهَآ أَمۡرُنَا لَيۡلًا أَوۡ نَهَارٗا فَجَعَلۡنَٰهَا حَصِيدٗا كَأَن لَّمۡ تَغۡنَ بِٱلۡأَمۡسِۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ٢٤] سورة يونس: 24. إلا أني أعترف بأني لم أجد مفسراً أبلغ حجّة وأوجز عبارة وأجزل بياناً من هذا المخلوق العجيب الذي اسمه كورونا!

فهل من متعظ يا أمة القرآن؟!

وهل من مدّكّر يا أمة الرسول الأعظم وأهل بيته الكرام؟

فها أنتم بعد أن أخذتكم وأشغلتكم دعوات الملحدين وأجندات الطغيان والاستكبار وصنّاع الجهل والعابثين واللاهين والمترفين عبر حربهم الفكرية وغزوهم الثقافي واختراقهم الأخلاقي بجيوشهم الالكترونية ومنصات تواصلهم الاجتماعية وقنواتهم الفضائية ليبعدوكم عن المبادئ التي تحصنكم والقيم التي تحفظكم والأخلاق التي تحوطكم وتستنزل البركة الإلهية والرحمة السماوية، وقد نزل بكم وبالعالم ما ترونه والأمر لا يعرف متى ينتهي وكيف سينتهي؟ ولكن لا يوجد عاقل ليقول لكم أن النهاية ستكون سهلة، فوالله إن نهاية ذلك ستكون عسيرة للغاية ما لم تتخذوا لأنفسكم عاصماً وتركنوا إلى ما يمكنكم أن تثقوا بركنه، وها أنتم ترون كيف أن الأقوياء تساقطوا والعمالقة قد تهاووا والمتحصنين وقد انكشفوا فلا حصن يحصنهم ولا فكر يدبرهم اللهم إلا للأسوأ، وكونوا على يقين بأن عالم اليوم يفكر كيف ينتقم ويستغل ويتسلط بعد أن هوت منظومة السلطة فيه وانهارت أنظمة الضبط لديه.

إن الله لا يزال يدعوكم إليه فهلموا إليه، إذ لا ملجأ من كل الذي يجري إلّا إليه.. وقد جاءكم شهر شعبان المعظم شهر رسول الله صلوات الله عليه وآله بالمغفرة والرحمة فاستغلوه سبيلاً للعودة..

وهذا إمامكم المنتظر صلوات الله عليه لا زال يحوطكم برعايته ويرعاكم برأفته، إذ يقول: إنّا غير مهملين لمراعاتكم و لا ناسين لذكركم ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء، فاتقوا الله جلّ جلاله وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم، يهلك فيها من حمّ أجله، ويحمى عنها من أدرك أمله، وهي إمارة لأزوف حركتنا ومباثّتكم بأمرنا و نهينا، والله متمّ نوره و لو كره المشركون..

فبادروا لاستنزال لطفه واستدرار دعائه وتوخي إغاثته.. حماكم الله وستر عليكم ووقاكم من كل سوء ودفع عنكم كل عاهة ومرض وشر بحق محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين

والحمد لله أولاً وآخراً وصلواته وسلامه على رسوله وآله أبداً.

#الوقاية_عقل_ودين_وانسانية_وقانون

 

جلال الدين علي الصغير

التعليقات
الحقول المعلمة بلون الخلفية هذه ضرورية
مراقب عن كثب
العراق
2020-3-27
السلام عليكم..ما رأي سماحتكم للتقويم الحالي الهجري..والتقويم الاصلي المقوم
من الموقع
المبنى على التاريخ المتداول
سعد الزيدي
بغداد
2020-3-25
رحمك الله وسدد خطاك
مواضيع مختارة
twitter
الأكثر قراءة
آخر الاضافات
آخر التعليقات
facebook
زوار الموقع
15 زائر متواجد حاليا
اكثر عدد في نفس اللحظة : 123 في : 14-5-2013 في تمام الساعة : 22:42
عدد زوار الموقع لهذا اليوم :9821
عدد زوار الموقع الكلي: 26934582
كلمات مضيئة
اللهم أحيني حياة محمد وآل محمد، وأمتني ممات محمد وآل محمد، اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد، وآخر تابع له على ذلك، اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين وشايعت وبايعت وتابعت على قتله، اللهم العنهم جميعا، السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين